اتصل بنا
 

من شعراء الخوارج .. الشاعر الطرماح بن حكيم

نيسان ـ محمد فاروق الإمام ـ نشر في 2015-09-14 الساعة 13:41

x
نيسان ـ

محمد فاروق الإمام

هو الطرماح بن حكيم، من طيء. ويكنى أبا نفر، وأبا ضبينة. والطرماح: الطويل القامة. وكان من فحول الشعراء الإسلاميين وفصحائهم. ومنشؤه بالشام، وانتقل إلى الكوفة بعد ذلك مع من وردها من جيوش أهل الشام، واعتقد مذهب الشراة الأزارقة.

قدم الطرماح بن حكيم الكوفة، فنزل في تيم اللات بن ثعلبة، وكان فيهم شيخ من الشراة له سمت وهيئة، وكان الطرماح يجالسه ويسمع منه، فرسخ كلامه في قلبه، ودعاه الشيخ إلى مذهبه فقبله واعتقده أشد اعتقاد وأصحه، حتى مات عليه. ومن شعره في مذهب الشراة قوله:

لله در الشراة إنهــــم … إذا الكرى مال بالطلى أرقوا

يرجعون الحنين آونـــة … وإن علا ساعة بهم شهقـوا

خوفا تبيت القلوب واجفة … تكاد عنها الصدور تنفلـق

كيف أرجي الحياة بعدهم … وقد مضى مؤنسي فانطلقوا

قوم شماح على اعتقادهـم … بالفوز مما يخاف قد وثقـوا

وكان الطرماح هجاء حيث يقول:

لو حان ورد تيم ثم قيل لهـــا … حوض الرسول عليه الأزد لم ترد

أو أنزل الله وحيا أن يعذبهـــا … إن لم تعد لقتال الأزد لم تعــد

لا عز نصر امرئ أضحى له فرس … على تميم يريد النصر من أحــد

لو كان يخفى على الرحمن خافيـة … من خلقه خفيت عنه بنو أســد

كان يزعم الأصمعي في بيتين للطرماح على أنه فيهما أشعر الخلق:

مجتاب حلة برجد لسراته … قددا واخلف ما سواه البرجـد

يبدو وتضمره البلاد كأنه … سيف على شرف يسل ويغمد

مر الطرماح بن حكيم في مسجد البصرة، وهو يخطر في مشيته. فقال رجل: من هذا الخطار؟ فسمعه فقال: أنا الذي أقول:

لقد زادني حبا لنفسي أننـي … بغيض إلى كل امرئ غير طائل

وإني شقي باللئام ولا تـرى … شقيا بهم إلا كريم الشمائـل

إذا ما رآني قطع اللحظ بينـه … وبيني فعل العارف المتجاهـل

ملأت عليه الأرض حتى كأنها … من الضيق في عينيه كفة حابل

دخل الطرماح على خالد بن عبد الله القسري فأنشده قوله:

وشيبني ما لا أزال مناهضــا … بغير غنى أسمو به وأبــوع

وأن رجال المال أضحوا ومالهم … لهم عند أبواب الملوك شفيع

أمخترمي ريب المنون ولم أنـل … من المال ما أعصي به وأطيع

فأمر له خالد بعشرين ألف درهم وقال: امض الآن فاعص بها وأطع.

لقد كانت أمنية الطرماح أن يموت شهيدا، فهذه قصيدته يعبر من خلالها عن هذه الأمنية فيقول:

وإني لمقتاد جوادي وقــاذف … به وبنفسي العام إحدى المقاذف

لأكسب مالا أو أؤول إلى الغنى … من الله يكفيني عدات الخلائف

فيارب إن حانت وفاتي فلا تكن… على شرجع يعلى بخضر المطارف

ولكن قبري بطن نسر مقيلــه… بجو السماء في نور عواكــف

وأمسي شهيدا ثاويا في عصابـة… يصابون في فج من الأرض خائف

فوارس من شيبان ألف بينهـم … تقى الله نزالون عند التزاحـف

إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى … وصاروا إلى ميعاد ما في المصاحف

عمل الطرماح مؤدبا للصبيان في الكوفة، وغادرها إلى فارس، وفي مدينة الري جلس يؤدب الصبيان، يقول الجاحظ: (رأيت الطرماح مؤدبا بالري، فلم أر أحدا آخذ لعقول الرجال ولا أجذب لأسماعهم إلى حد فيه منه، ولقد رأيت الصبيان يخرجون من عنده وكأنهم قد جالسوا العلماء). وكان شعر الطرماح - رغم كثرته - بعيدا عن الروح الخارجية، وأميل إلى الهجاء والمدح والفخر بالنفس، وكان بعكس الخوارج متعصبا لأهله وعشيرته.وهناك قصيدة له - تكاد تكون الوحيدة - يصف فيها إخوانه الشراة:

لله در الشراة إنهــــم … إذا الكرى مال بالطلى أرقوا

يرجعون الحنين آونـــة … وإن علا ساعة بهم شهقـوا

خوفا تبيت القلوب واجفة … تكاد عنها الصدور تنفلـق

كيف أورجي الحياة بعدهم … وقد مضى مؤنسي فانطلقوا

قوم شماح على اعتقادهـم … بالفوز مما يخاف قد وثقـوا

نيسان ـ محمد فاروق الإمام ـ نشر في 2015-09-14 الساعة 13:41

الكلمات الأكثر بحثاً