اتصل بنا
 

مؤشرات غياب الارادة للإصلاح السياسي .. ما الحل؟

كاتب

نيسان ـ نشر في 2019-11-11 الساعة 14:17

نيسان ـ لم تلتفت الحكومة في بيانها الوزاري اي حديث عن اصلاح المنظومة السياسية "الشق السياسي" منذ ان تم تكليفها قبل اكثر من عام، بالرغم ان الحكومة جائت في ظروف وازمة سياسية واقتصادية استثنائية على وقع احتجاجات واضرابات كبيرة، وبالرغم من ان كتاب التكليف تضمن الحديث عن الشق السياسي واصلاح القوانين الناظمة للحياة السياسية.
تهربت الحكومة من الحديث عن تعديل قانون الانتخاب مرارا وتكرارا، وان تحدثت عن امكانية تعديله عبر التصريحات الاعلامية خلال الفترة الماضية وللآن، يكون حديث رئيسها على خجل دون ابراز ارادة حقيقية .
.
عند اجتماع الحكومة مع الاحزاب منذ توليها الرئاسة، طالبت الاحزاب بتعديل القانون ولم يعكس سلوك الحكومة لغاية اللحظة اي شيء باتجاه ذلك، سوى تعديلات اجرتها على نظام تمويل الأحزاب، والذي ايضا رفضته الاحزاب بوصفه لا يخدم الحياة السياسية بل يضعفها.
عند اجتماع شخصيات حزبية وغير حزبية مع الملك سابقا ولاحقا، تطرق حديث بعضهم لضرورة تعديل القانون، وكان رد الملك: " يمكن تعديلات هنا وهناك كتخفيض سن المرشح" ، وهذا التعديل فعليا يحتاج اصلا لتعديل دستوري ، وفي المقابل، لا يغير كثيرا في جوهر القانون ومخرجاته .
قبل اسابيع، ادرجت مجموعة من القوانين على جدول اعمال الدورة العادية الرابعة والاخيرة للنواب من قبل رئاسة النواب، و تم اقصاء القوانين الناظمة للحياة السياسية برمتها، وهذا يدلل ايضا غياب الرؤية السياسية الاصلاحية للنواب انفسهم ، ويصعب مهمة ادراج تلك القوانين بعد الانعقاد، لان مهمة المكتب الدائم وفق النظام الداخلي للنواب ادارة جدول اعمال الجلسات خلال الدورة وليس تحديد القوانين ومقترحات القوانين للدورة، وحتى القوانين التي ادرجت تكون باتفاق مسبق مع الحكومة وأصحاب القرار.
جاء التعديل الوزاري الأخير، والذي أقصى الفريق المسيس المناط به هذه المهمة من الحكومة، وابقى على الفريق المحافظ المناهض لأي تعديل في المنظومة السياسية، والذي يترأسه وزير التنمية السياسية الحالي، الذي كرر ذلك مرارا وتكرارا، ولا يكون ذلك التكرار سوى لسان حال الحكومة.
مع دعوة الملك لانعقاد مجلس الأمة أمس، لم تتضمن كلمته أمام النواب في كلمة الافتتاح اي حديث في الشق السياسي، خاصة ان مجلس الامة مناط بالملك دستوريا، وباستمرار تلك المعطيات على ما هي عليه دون اي تغيير، تكون امكانية تعديل القوانين الناظمة للحياة السياسية في اضعف احتمالاتها.
الأحزاب المناط بها تحديدا هذا المطلب، لم تتحرك بما فيه الكفاية فيما بعد ولغاية اللحظة، في حركة منظمة وفي زمان ومكان مدروس ولو باصدار بيانات للمطالبة بتعديل تلك القوانين واكتفت باجتماعها السابق مع الحكومة، ولا زالت الاحزاب ونخبها تتحرك بشكل تقليدي تكنوقراطي كرد فعل، وليس تحرك مدروس ومنظم وقارئ للمشهد السياسي جيدا، وهذا ما يضعف الأمل اكثر واكثر ايضا بامكانية اصلاح حقيقي.
اتضحت معالم مخرجات المجلس الحالي انها دون المطلوب ويمكن تطويرها بتطوير قانون الانتخاب و النظام الانتخابي ، ويدلل على ذلك رأي الشارع عبر استطلاعات متعددة او عبر الاعلام او تقارير راصد ومؤسسات المجتمع المدني التي تؤكد ذلك وحالة الحنق والاحتقان في المجتمع على الاداء العام للمجلس وابتعاده عن محاكاة هموم الشعب، والذي يؤكد ذلك اكثر غياب الارادة والرؤية السياسية للنواب انفسهم، عند اقصاء تلك القوانين من جدول اعمال الدورة الحالية والاخيرة للمجلس، بدلا من ادراجها و تعديلها احتكاما الى مبدأ الإصلاح السياسي الاقتصادي الشامل، وتحديدا من النواب الحزبيين والمسيسين والاصلاحيين في المجلس.
لا بديل او حل عن تحرك حزبي و مدني وشبابي ضاغط على النواب والحكومة لتعديل قانون الإنتخاب وبقية الحزمة التشريعية الناظمة للحياة السياسية، التي تمثل جوهر عملية الاصلاح السياسي و عصب الحياة السياسية والنظام السياسي، ولو ب"الحد الأدنى وضمن الممكن" ، كدمج بعض الدوائر الانتخابية لتوسيع بعضها، وتخفيض سن الترشح وتوسيع صلاحية المجالس اللامركزية تشريعيا ورقابيا وماليا، ودمج بعض الدوائر في النظام الانتخابي للبلديات ودمج بعض البلديات وتعديل قانون الأحزاب.
لا زالت اذن الفرصة سانحة امام الاحزاب بتشكيل ائتلاف والتوافق مع الأطياف والمكونات الاخرى، و قيادة الشارع نحو هذا الهدف، فالاصلاح الحقيقي في كافة المستويات لا يكون بمعزل عن الاصلاح السياسي اولا، والذي يبنى عليه اي اصلاح اجتماعي واقتصادي لاحق، وتحديدا في هذه المنظومة التشريعية، فان صلح التشريع، صلح كل شيء.

نيسان ـ نشر في 2019-11-11 الساعة 14:17


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً