اتصل بنا
 

رسالة من محارب قديم إلى معلم حالي

نيسان ـ نشر في 2019-09-21 الساعة 22:54

نيسان ـ رسالة إلى من علمنا وعلم ابنائنا وسيعلم احفادنا بإذن الله, إلى من أدركنا المعاني ونطقنا الحروف الأولى معه, إلى من وجهنا نحو الصواب ووبخنا عند الخطأ, ومن فرح لنجاحنا وحزن عند إخفاقنا كأنه هو, اكملوا معروفكم مع فلذات ابنائنا.
حين كنت على رأس المهام لتأدية واجب الأمانة واجهتني وزملائي رفاق السلاح العديد من الظروف الصعبة , وواجهناها بالتحمل , رابطنا على الحدود بالحر والبرد القارس, حاربنا خبطات أمعائنا الخاوية, وتحملنا غيابنا عن الأهل والعائلة في السراء والذراء, رغم قساوة الظروف لم نتوقف لحظة عن حماية الوطن ورغم شح الحال أكملنا بما يرضي ضمائرنا لتأدية الأمانة.
أنتم اليوم مطلوبٌ منكم ايضاً تأديتها, في عصر العلم والسرعة عليكم ادراكها, اسبوعان يلحقهما الثالث غتب عن ابنائنا الكثير, ماتت لهفتهم للقاء معلميهم, ومعاناة دروسهم , تلك الدروس حتى بصعوبتها وتذمرهم إلا انهم يجدوا لذتها في غرفتهم الصفية بين زملائهم , بعيداً عن المبالغة أو المهاترات التي نسمع عن ضجرنا منهم, ومع سؤال ابنائي عن موعد فك الحصار وانتهاء حرب الوزارة والنقابة , ادعوكم واقول عودوا لابنائنا ابنائكم .
معلمينا الفاضلين حاملي الرسالة , نعم نحن نعي أن لكم حقوق ومطالب في الظروف المعيشية الصعبة , ولكن ان اردنا المقارنة فكم يوماً عملنا في العراء وانتم في الغرف الصفية قرب المراوح أو المدافئ, تعودوا لبيوتكم ونعود نحن لخيمنا أو مساكن العسكر ضوئنا شمعة وغطائنا بطانية خضراء, تختبئون من المطر ونختبئ ليس جبناً انما حكمة من الرصاص في الحروب, تتلذذون بما تشتهي انفسكم من الطعام , واحيانا لا يسد رمق جوعنا سوا لقيمات خبزٍ حاف مع القليل من "شوربة العدس" , وفي نهاية الشهر عن موعد المرتب تحصلون على مبلغٍ لا بأس به يسد حاجاتكم , بينما نحصل على مبلغٍ يساوي ثمن اجار بيتنا المتواضع انذاك , لتبدأ بعدها رحلة البحث عن شخصٍ يقرضنا لنلبي حاجيات الأسرة.
معلمينا الأعزاء اليوم وبعد تخرج 5 من ابنائي من المدارس وافتخاري لما وصلوا له برفقة جهودكم المبذولة , اناشدكم لإكمال المعروف مع باقي اخوتهم واحفادي , بل ومع كافة ابناء وطننا ممن فرحوا بإرسال فلذات ابنائهم لسنواتهم الأولى إلى المدارس, منتظرين منكم جني ثمار ما ستعلموهم من خط اسمائهم ولفظ الحروف وعد الأرقام, فلا ذنب لهم في حربٍ نجهل نهايتها, ولا ذذنب لهم بتقدم التعليم الخاص عنهم سوا بأن أولياء أمورهم لا يملكون المبالغ الباهظة الثمن لإلحاقهم بها, أو بالطلاب اللاجئين المتقدمين في الدراسة بينما هم في وطنهم شبه اميين بلا معرفة.
أخيراً تعبنا وتعبتم, تحملنا وتحملتم, فخذوا قليلاً من عنائنا الذي يفوق ما واجهتم واثلجوا صدورنا بعودة طلابنا إلى مقاعدهم واماكنهم وبيوتهم الثانية التي نسعى وانتم لإنجاحهم فيها , بعيداً عن اقتطاع العطل والتأخير وتحملهم المسؤولية فكما قلت واكررها ثالثياً ورابعاً لا ذنب لهم فلا تجعلوهم ضحية بينكم.

نيسان ـ نشر في 2019-09-21 الساعة 22:54


رأي: عبدالنعيم العفيشات

الكلمات الأكثر بحثاً