اتصل بنا
 

متى يدرك الرسمي ان المعارض ليس عدوا؟

نيسان ـ نشر في 2019-08-18 الساعة 21:53

x
نيسان ـ صحيفة نيسان _ خاص

واجب المحافظة على هيبة صورة الشخصية الأردنية يقع على كواهل الأطراف الاجتماعية والسياسية، وهذا للأسف على عكس ما جرت عليه الأمور خلال العقود الماضية، ولا بد أن تقع جلّ المسؤولية الأخلاقية، في تثبيت هذه القاعدة، على عواتق الأجهزة التنفيذية في الدولة وشكل سلوكها، التي يجب أن يكون الدستور مرجعها، وأن تكون القيم والأخلاقيات المتعارف عليها، محليا ودُوليا، المظلّة لعمل هذه الأجهزة.
مناسبة هذا الحديث؛ هو الاعتداء السافر الذي مورس ضد ناشط حراكي خلال الأيام الماضية، حيث تمّ تصويره وتصوير بطاقته الشخصية وتصوير رقم سيارته، عقب ان وجدته دورية أمنية نائما بسيارته، وتم التعامل معه عندما تمت إفاقته من نومه، على أنه تناول مشروبات روحيه، والغريب أنه تم نشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا السلوك الرسمي، تُجاه المعارضين، غير جديد، بل أنه يشكل السلوك التقليدي للعقلية العرفية المتمترسة في عقل الدولة، والمعادية للمعارضين، وإنه لمن الضروري أن تفهم هذه البؤرة المتخشبة، أن المعارض ليس عدوّا ليتم تشويهه على هذا النحو البشع، بل هو جزء أصيل في بناء الجسم الوطني، وأنه لا يمكن لنا أن نتقدم ونحن ما زلنا لا ندرك أهمية الرأي الآخر المخالف والمعارض للرأي الرسمي، وأن الرأي الرسمي ليس صحيحا بالضرورة، ويمكن أن يكون كل الحق والمصلحة الوطنية فيما يقدمه الرأي المعارض .
لذلك يجب على الأجهزة الأمنية أن تنفذ القانون بحيادية وصرامة مع المراعاة الكاملة لحقوق الإنسان، عندها سيطمئن الإنسان إلى أنه حر يعيش في وطن متحضر، وليس عبدا يعيش في مزرعة يملكها قُطّاع طرق لا رادع لهم.
في بلادنا، يتم بشكل مبرمج اغتيال شخصية المعارضين، وتهشيم صورتهم إزاء المجتمع، وهذا ليس خطأً عابرًا، بل إنه سياسة ومنهجية عمل تم التعامل به مع كل من يعارض الخط الرسمي، حتى لو كان نائبا في البرلمان، ويجب أن لا نفصل هذا السلوك المنحرف ضدَّ الرأي أو الاتجاه السياسي البديل الممكن والطبيعي، حسب ما يجري عادة في الدول المتحضرة، لمن يجلسون على الكراسي الآن، نقول: لا يمكن فصله عن سلوك قادة الصف الأول من المسؤولين ضد الصف الثاني والثالث ممن يعملون داخل السيستم، وما هذه السلوكات إلا على سبيل التشبث بالمناصب على مدى الحياة.
إن أكبر ما يضمن ترسيخ الديمقراطية، في أي بلد، أن تكون هناك ضمانات قوية لتداول السلطة، حينها سيدرك التنفيذي أن المعارض ليس عدوًّا بل هو الوجه الآخر والبديل، في أية لحظة، للإمساك بزمام السلطة.

نيسان ـ نشر في 2019-08-18 الساعة 21:53

الكلمات الأكثر بحثاً