اتصل بنا
 

لا وقت للإنتظار

كاتب

نيسان ـ نشر في 2019-08-09 الساعة 12:31

نيسان ـ قامت الحكومة منذ فترة قصيرة بفرض ضريبة مقطوعة على المحروقات، لعلمها المسبق أن الازمة الاقتصادية العالمية سيصاحبها انخفاض في اسعار النفط، او على الاقل ليس ارتفاعها، وذلك للحفاظ على الايرادات خوفا من انخفاضها و لتخفيف العجز، وهذه سياسة الصندوق النقدية بحذافيرها والتي لا يهمها سوى تخفيض العجز من اي مصدر دون الحديث عن أي نمو! ، فالاردن تابع نقديا للصندوق، وتجاريا لمنظمة التجارة يطبق سياساتها بحذافيرها، وماليا للدولار والبنك الفيدرالي ويطبق سياسته، وتلكم الأدوات المحكمة للعولمة الإقتصادية، في المقابل، لا تتحدث الحكومة عن اصلاح سياسي مقابل ما تعتبره اصلاح اقتصادي ابتداء من اقرارها اقانون الضريبة الى الضريبة المقطوعة وارتفاع اسعار مجموعة النقل ومواد اخرى، بالرغم ان المؤشرات سيئة، وباعترافها هي، وبوادر ركود وانكماش السوق والعقار وارتفاع البطالة والفقر وتدني الدخول والنمو واضحة.
الأزمات الاقتصادية التي حدثت خلال القرن المنصرم مصدرها الولايات المتحدة، ارتباط العالم بالدولار سببا لدمار دولة مرتبطة به عند تعرضه الى أية ارتكاسة، وحدث ذلك كثيرا، العالم بدأ يفكر بالانفصال عن الدولار، وبدأت تتعاظم اقتصاديات كالصين والهند، واصبحت تفوق اقتصاد اميركا المثقل بالديون، تفوقه اقتصاديا وتقنيا لسبب ان معدلات النمو ضعف معدلات النمو في اميركا وديونها اقل والناتج القومي بازدباد مضطرد، وأسواقها انشط وتقنياتها بتطور سريع ، التوترات بين الصين و اميركا انما صراع هيمنة على العالم ومحاولة كسر أحادية القطبية التي تتزعمها الولايات المتحدة. ما ينبئ بازمة اقتصادية مظاهرها الركود الاقتصادي والانكماش بسبب ارتفاع التضخم العالمي وارتفاع الدين العالمي بما يفوق الناتج العالمي باضعاف، والخلافات التجارية الدولية الاميركية الصينية والخليحية الايرانية وازمة البريكست واليونان وتدهور بعض العملات واسباب اخرى.
مشكلة دولتنا ان القواعد الاقتصادية غير جاهزة سواء لأزمة أو بدون ازمة.. يعني هي هي، لكن، في المقابل، فإن تاثير الأزمة العالمية اقتصاديا علينا كدول نامية ومتوسطة الدخل تكون اقل، كوننا ليس لدينا استثمارات كبيرة وشركات عابرة للقارات، كما في اميركا، لكن بلا شك اننا سنتأثر، كوننا جزء من هذا العالم المتداخل، والذي اتسعت مديات تداخله بتطور التكنلوجيا الرقمية والسيبرانية، فاذا رف جناح فراشة في العالم، يكون له أثرا في طرف آخر من العالم، فكيف عندما يكون مصدر الأزمة هي اميركا، القطب الاهم اقتصاديا من الاقتصاديات العشرين؟ في 2008 كانت هناك ازمة مالية عالمية امتد اثرها خلال ثلاث اعوام وبدأ الربيع العربي بعدها وبأثر منها، واهم من يعتقد ان الربيع العربي بمعزل عن العولمة الاقتصادية، او يسمى بالنظام العالمي الجديد، الذي غير هيكلية العالم الإقتصادية برمته، ومن ضمنه الأردن ، منذ عام 1991 واشتد بداية الألفية الثالثة ، وتوحش خلال هذه الفترة، لذلك، الحل السياسي لا بديل منه لمواجهة ازماتنا، فالخلل قبل اي حديث عن ازمة عالمية هو خلل محلي بحت، يفوق بكثير اي ازمة عالمية، اولى ملامح هذا الخلل هو تردي البناء السياسي الديموقراطي، فإذا صلح، صلح الاقتصاد، فالبرغم ان الدول المتقدمة تمر بانتكاسات وارتكاسات اقتصادية كل دورة او عقد اقتصادي، الا انها سرعان ما تتعافى، لان الديموقراطية تنقذها لمتانة نظامها واساسها التكويني السياسي ، كما انقذت اردوغان من الانقلاب العسكري، فالديموقراطية تنقذها من الانقلاب الاقتصادي، فالحل اولا بالديموقراطية بتشكبل حكومة انقاذ تقود العملية السياسية والاقتصادية و حوار جامع على طاولة واحدة، وتحديد معالم الاصلاح، فإرساء القواعد والبنية السياسية هو اساس البنية الفوقية وهي الاقتصاد، لا يمكن الانتظار اكثر، ولا نستوعب الصمت الحالي سوى انه الصمت الذي يسبق العاصفة، ولا حل امام التهديدات العالمية والتباعد الخليجي ونقص المعونات مستقبلا، ومآلاات صفقة القرن، سوى تمتين جبهتنا الداخلية وتعزيزها، سياسيا، ومن ثم تعزيز نهج الإعتماد على الذات وتغيير مسار خارطة الحلفاء، فالتعاظم الهندي الصيني سيفتح الشهية للذهاب بذلك الاتجاه، والتقارب الكويتي العماني القطري مع ايران ايضا ربما سينحى بنا بذلك الاتجاه، والثبات باتجاه اوروبا جيد كونها لن تتاثر كاميركا، فغالبا تبقى مستقرة على الاقل دون انحدار كما يشير اغلبية الساسة، وهذا من المبكر الحديث عنه، لكن المهم هو انكار الذات والجلوس على طاولة حوار تجمع كافة المكونات السياسية دون شروط مسبقة لتغليب المصلحة العامة والبناء على المشترك.. لا وقت للانتظار.

نيسان ـ نشر في 2019-08-09 الساعة 12:31


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً