اتصل بنا
 

في رثاء المربي الاستاذ محمد أبو خضرة رحمه الله

نيسان ـ نشر في 2019-08-06 الساعة 21:59

نيسان ـ من الموتِ نحو العيشِ كم كنتُ أهربُ
فأصبحتُ غيرَ الموتِ لا شيء أطلـبُ
وكم كانَ لي في غمـرةِ العيشِ مأربٌ
وما عادَ لي في حضرةِ الموتِ مأربُ
أعيشُ وحيداً بعدَ أن كنـتُ فرقةً
تشـدُّ لجامَ العمـرِ والدهـرَ تُرهـبُ
رعى الله من كانوا شروقاً لبهجتي
وطفـتُ بهمّي تــائهاً حيـن أغـربوا
وللموتِ سيفٌ لا يرى العمرَ حجّةً
وما منهُ لو رُمتُ السماواتِ مَهـربُ
أبى الدهرُ أن يُبقي حبيباً بحوزتي
وغيـرَ دوام الوصـلِ ما كنتُ أرغبُ
أنا الآنَ محكـومٌ بتهمـةِ بُـعـدِهِ
وفي سجنِ أضـلاعي فـؤادٌ يعذّبُ
دموعي تفاصيلٌ وحـزني مبـرّرٌ
وجِـرميَ مهـزولٌ ورأسيَ أشيـبُ
أُمِيلُ على الجدران ظهري ليستوي
وظهري من الأثقالِ يطغى ويَغلبُ
أبا رأفتٍ ما كنتُ مِثقـالَ شـاعرٍ
ولولا اشتـدادِ البيـنِ ما كنتُ أكتبُ
فراقُكَ أدمى القلبَ دَمْيـاً، ألا ترى
تقاسيـمَ قـلبٍ من دمائـهِ ينضـبُ ؟
أراكَ على التابوتِ تمضي وخافقي
وراؤكَ يستقصي إلى أينَ تذهبُ
إلى أينَ يا من لو بقيتُ بقـربهِ
ثمـانين حَـولاً لا أمـلّ وأتعـبُ
يقـولُ وقد جفّـتْ دمـوعيَ آدمٌ
أرى طودَ حزنٍ في عيونِـك يُنصبُ
فقلتُ تعـدّى الوقـعُ حـدَّ تحمّـلي
وغَـاب تمامُ البدرِ واسـودَّ كوكبُ
فقدنا كريماً إن تداعى لمجلسٍ
كبارُ المعالي في حضوره غُيّبوا
وإن رادت الأجيال زفّ معلّمٍ
يُـزّفُ على عرشٍ وخلفـهُ موكبُ
إذا فارقَ الإنسانُ أمّـاً وبعـدها
قريباً كقربِ الأبّ بَل منهُ أقربُ
فإنَّ حدودِ القبرِ تصبحُ موطناً
ومن يسكنُ الأوطـانَ لا يتغرّبُ
.

نيسان ـ نشر في 2019-08-06 الساعة 21:59


رأي: جلال الشبيلات

الكلمات الأكثر بحثاً