اتصل بنا
 

الكتابة بوصفها فتح النوافذ للمتلصصين

نيسان ـ نشر في 2019-06-09 الساعة 19:12

x
نيسان ـ نيسان- خاص
كأن ما يفعله الكاتب حين يكتب وينشر، أي كاتب بمن فيهم رواد وسائل التواصل الاجتماعي من قُرّاظ أدب البروفايل، هو مجرد إشراعٌ لنوافذ التجسّس على خصوصياته، أو على سبيل الإغواء للمتلصصين، يفعل ذالك عن سابق وعي وترصد وإصرار، من باب الاستدراج والإغواء للفضوليين، علّه يحرز المزيد من البقاء والخلود في ذاكرة جمعية ما.
ففي حين أن الكاتب، بالمجمل، لا يتقصد أن يحمل نصه برسالة واضحة فإن القارئ لا يعبأ بذلك كثيرا، فهو لا يقرأ لكسب الخبرات بل للحصول على التسلية، نعم إنها مجرد تسلية محضة، وما المكاسب الأخرى إلّا أعراض جانبية لهذا الفعل، ومهلا أيها الكتاب والقراء الأجلاء، على رسلكم، ولا تتعجلوا وترجموني بالعدمية إن أنا خدشت الصورة الحصيفة التي تحبون أن توصفوا بها، فالقصة أبعد من الرغبات.
فبفضل سلوكاتكم الجديدة، لم يعد هناك من طلب على العسس، وكما تم الاستغناء جزئياً عن الجنود المتسربلين ألبسة وعِدد الحرب ليستعاض عنهم بشباب يقبعون خلف شاشاتهم، متسلحين بيكيبورداتهم في غرف شبه معتمة في ركن ما من صحراء نيفادا الأمريكية، ويوجهون الصواريخ إلى أي نقطة في الكرة الأرضية، صار هناك أيضا مجموعة تهتم بآرائكم السياسية وتحلل كل حركة أو سكنة تصدر عنكم، حتى وأنتم في خلواتكم آمنين مطمئنين.
الخوف من الإطالة في العنوان جعله" الكتابة بوصفها فتح النوافذ للمتلصصين" ولكن التكملة لن تترك فعل القراءة وأبطالها، فالقراءة في جزء كبير منها ما هي إلا فعل تجسسي يتظمهر بالشكل الأخلاقي الذي يدّعي حب المطالعة، ولكن عمقه الأكيد هو التجسس والتلصص على خصوصيات الآخرين المباحة.
وقد لاحظ بعض النقاد أن الروايات المكتوبة من قبل كاتبات إناث تحوز على أكبر عدد من القراء الذكور، وإن العناوين التي تنبش وتبحث في بعض المحظورات، والموضوعات المسكوت عنها اجتماعياً تحقق أيضا أعدادا كبيرة من القراءات.
اذن؛ ما الكتابة إلّا بحث عن المجد والخلود من قبل المرسل وتضامن مع هذه الفكرة من قبل القراء، المستقبل، ربما تتحقق ذاتهم بالمشاركة بهذا الحلم عن طريق القراءة، وبما لا ينفصل عن فضول وحب للتسلية.
بالطبع هذا لن يمنع جهات ثالثة من الاستفادة من هذا البوح الانساني الهائل الذي بات يملأ الفضاء، وليس من قبيل قَصَص الخيال العلمي سعي بعض المراكز لتكليف بعض الجهات المختصة بتحليل مليارات الإدراجات على مواقع الاتصال الاجتماعي من أجل قياس ومعرفة اتجاهات الرأي العام.

نيسان ـ نشر في 2019-06-09 الساعة 19:12

الكلمات الأكثر بحثاً