اتصل بنا
 

طوني خليفة.. لأول مرة يُرسم لنا حَجْم الفاجعة

نيسان ـ نشر في 2019-05-19 الساعة 21:47

x
نيسان ـ نيسان_خاص
استطاع المذيع اللبناني المرموق طوني خليفة أن يضعَنا، ربما من غير أن يقصد، إزاء حقيقة طَبَقَتِنا السياسية المُرّة، فقد التقى - على مدى الأسبوعين الفائتين من رمضان، خلال برنامجه الرمضاني على قناة الأردن اليوم الفضائية " لأول مرة" ، الذي سيستمر حتى نهاية شهر رمضان من هذا العام - العديد من رجالات الأردن وأقطاب السياسة من وزراء ورؤساء وزارات ورجال دين وعلم وثقافة.
من الملحوظات الأوّليّة على البرنامج أنه لم يلتقِ حتى هذه اللحظة أيًا من رموز المعارضة، واكتفى بلقاء رجالات الدولة من صف الموالاة، كما أنه لم يلتقِ النساء أو يلقي بالًا لهن؛ فلم يستضف البرنامج أية امرأة حتى حلقة الأمس.
أما الملحوظة الجوهرية على البرنامج، فإنها تتعلق بالصورة التي نعرفها سلفا عن نخبنا السياسية، التي وضعها برنامج التسلية الرمضاني أمامنا بحالة انكشاف تام، لتوضح لنا ضعف هذه الطبقة وضحالتها، فمن خلال حلقات الرنامج واللقاءات مع الوزراء ورؤساء الوزارات السابقين، على وجه التحديد، نستطيع أن نتعرف مجددا على الأسباب الكامنة وراء ما وصلنا إليه من نتائج ومشاكل، باتت تغطي مناحي حياتنا كافة.
لقد رأينا من خلال حلقات البرنامج رجالًا أبعد ما يكونون عن الخبرة والثقافة والعلم بالسياسة، وربما إنهم على درجة عالية من ضعف الشخصية، وما كانوا إلا نتاجا مشوها لمعادلات التوريث والتنفيع السياسي، وهذا ما يفسر لنا سبب عدم امتلاكهم للولاية العامة أثناء تولّيهم المسؤولية، لقد التقى خليفة رجالًا كان يشار إليهم بالبنان كما يُقال، ولكننا عندما شاهدناهم وسمعنا أحاديثهم اكتشفنا أننا لم نكن نعرفهم، بل أعطيناهم على مدى سنوات من الهالة والتبجيل أكثر مما يستحقون، فما هُم إلا مجرد موظفين صغار، لا يمتلكون الأهلية الكافية لتولي تلك المناصب الحساسة في رأس هرم السلطة.
من الملاحظ أيضا أنه ليس بين من التقاهم من السياسيين، مَن هو نادم على ما حمّل البلاد والعباد من متاعب وديون وتخلُف في التنمية والتعليم والنقل والصحة، وكأن لسان حالهم جميعا يعاند الحقيقة والموضوعية عندما يُسألون عن فرضية عودة الزمَن إلى الوراء، فكانوا كلهم يُعيدون الجملة المهترئة ذاتها، بأنهم سيتبنون الخيارات نفسها التي اختاروها في السابق لو سنحت الفرصة وعادوا !
لا ندري ماذا سنقول لهؤلاء السادة غير أنهم كانوا مخطئين فيما رسموا ونفذوا من سياسات، وما هذه المآلات التي نعيش اليوم إلا نتاج تلك الحقب التي سادوا فيها كطبقة طفيلية عاشت وما زالت عالة على لقمة عيش المواطنين التائهين اليوم في مواجهة مجاهيل المستقبل، واللاهثين وراء رغيف الخبز وثمن العلاج وكلف التعليم الباهظة، هذا إضافة إلى ما حمّلت حقبهم الدولة من مديونية باتت تُثقل كاهلها.
لقد تبجّح هؤلاء السادة وتحدثوا عن عِصاميتهم وقِصَصِ عشقهم ووجهوا التحيات لموتاهم، لكنهم لم يتحدثوا عن المآسي والكوارث التي ألحقوها بالوطن طوال فترات ولاياتهم، وعندما تحدثوا بالسياسة اكتفوا فقط بإعلان الولاء مجددا على أمل التقرب للتكسب من مواقع السلطة، ولم يحكِ لنا أيٌ منهم شيئًا إيجابيًا واحدًا فعله إبّان توليه المنصب.

نيسان ـ نشر في 2019-05-19 الساعة 21:47

الكلمات الأكثر بحثاً