اتصل بنا
 

الذكورة والأنوثة و هل ترضاها لأختك؟

كاتب

نيسان ـ نشر في 2019-04-14 الساعة 17:06

نيسان ـ آثار فضولي مجموعة من التعليقات السلبية على فيديو منشور لفتيات من مرتبات الأمن العام بالبزة العسكرية، يقمن بتدريبات دفاع عن النفس، خلال عرض تدريبي، فوجدت من يتسائل عن كونهن إناث ام لا، وأخرى تتسائل :اترضاها لأختك؟ وآخر يحاول نزع صفة الأنوثة عنهن لمجرد ممارستهن هذه التدريبات، و أخرى تعلق: هذا ليس مكان الفتاة، وتؤيدها ثانية بأن هذه الوظيفة رجالية! وآخر يسخر من كونهن إناث يمارسن هذه التدريبات!
في الحقيقة، لا استطيع ان أجيب من تتسائل اذا كنت أرضاها لأختي أم لا، فالسؤال ليس في محله مطلقا، لأن أختي ببساطة إنسان بالغ راشد عاقل مستقلا، تملك هويتها وذاتها ولها حرية اتخاذ القرار و تقرير المصير وليس لي عليها سوى النصيحة بالتي هي أحسن. وإن كان ولا بد ان ارضى، فانني ارضى بطبيعة الحال، فهذه مهنة كسائر المهن، ليست حكرا على جنس دون آخر، أو انسان دون آخر، مهنة يتم تعليمها بشكل طبيعي سواء للذكر او الانثى، ولها احترامها، تماما مثل المعلمة او الطبيبة او اي مهنة كانت لطالما اختارتها بملئ ارادتها.
إن الخلل الحقيقي هو بمفومنا للأشياء، ليس الخلل بالمهنة ولا بالفتيات، وانما بثقافة تختزل النساء بمهن دون أخرى، ثقافة تقرر عن المرأة ما تريد وما لا تريد وما تستطيع القيام به وما لا تستطيع، ثقافة تتجاهل الامكانيات والمهارات الذهنية وتختزل الأنثى بجسد مادي ، و وظيفة بيولوجية، مفرغة ذلك الجسد من مضمونه الأخلاقي والاجتماعي والفكري، انني اجدهن في عيني أجمل إناث وأجمل نساء، وانني لا أجامل البتة، ولا يمكن لوظيفة مثل هذه ان تنزع عنهن صفة الأنوثة ، الخلل الحقيقي لدى شبابنا في مفهومي الأنوثة والذكورة، التي يخلطوا بينهم وبين الرجولة والمروءة، أي رجل وإمرأة! هل ترونهن بعينكم انهن ليسوا إناث؟ مع احترامي لرايكم، لكن، راجعوا مفهوم الانوثة بالنسبة إليكم .
ببساطة، هم يؤدوا وظيفة كما الرجال وهذا لا ينزع عنهن لا الآن ولا في بيتهن ولا في الشارع ولا في أي مكان صفات الانوثة البيولوجية او الشكلية وما شابه، هن اناث اينما حللن، أقول للنساء تحديدا، كونهن أكثر تعليقا واكثر دفاعا عن فكرة اضطهادهن واختزالهن في ادوار دون أخرى ، كما أنك لا تحبي الذكر وتحبي الرجل، يجب أيضا ان تحبي المراة وليس الانثى فقط، الأنوثة والذكورة صفات بيولوجية وجينية و تشريحية وشكلية فقط، لا علاقة لها علميا بالصفات النفسية والدور الاجتماعي والمكانة في الحياة وما يجب فعله وما لا يجب فعله في المجتمع، فهذا شيء مكتسب من البيئة المحيطة، نتعلمه من خلال المجتمع الذي يضخ ثقافته في رؤوسنا من خلال التنشئة منذ الولادة، ولا تولد تلك الثقافة وما تحويه من ادوار وصفات اجتماعية معنا، الرجل والمراة، او الرجولة والمروءة صفات اجتماعية ومواقف وادوار تناط بنا وليست طبيعة داخلنا او تولد معنا، بل متعلمة ومكتسبة، وليست تلك الصفات حكرا على جنس دون آخر، فلا يعيبني أن أكون حنونا او طيبا او عاطفيا، ولا يعيبك ان تكوني عقلانية مثلا، ولا يعيبنا ان نجمع الصفتين، تلك صفات متفاوتة للبشرية كلها، بغض النظر عن كوننا رجال او نساء، جميعنا لدينا مثلا عقلا وعاطفة، التنشئة قد تنشط مراكز العاطفة لديك وقد ينشط مراكز المنطق والعقلانية، فتطغى واحدة على الأخرى او تتساوى، تصبح الأنثى إمرأة ويصبح الذكر رجل، اي يتحولوا من كائن بيولوجي الى كائن اجتماعي، كل ذلك بفعل عملية التنشئة والتربية، الصفات الاجتماعية النفسية تلك، هي صفات مكتسبة ولا تخلق معنا، نحن نولد مختلفين تشريحيا بسبب الوظائف البيولوجية كالتكاثر والاخصاب والانجاب، والمجتمع يكسبنا صفات الحنان والعقلانية والمنطق والرقة والكرم والبخل.. الخ من صفات اجتماعية، ويعطينا أدوار داخل المنزل كالتربية والرعاية او خارجه كالسياسة و الاقتصاد والرياضة.. الخ من ادوار.
المراة التي تلعب الرياضة واللياقة والقوة افضل من التي لا تلعب، ولا ينزع عنها صفة الانوثة او المروءة، كذلك الحال الرجل، فمثال على ذلك، كان مستهجنا قيادة المراة للسيارة سابقا ثم اصبح مقبولا، كان مستهجنا تصويت وترشح المراة للانتخابات والآن اصبحت نائب، كان مستهجنا ان تكون المرأة وزيرة، والآن أصبحت رئيسة حزب و رئيسة حكومة.. الخ تلك ادوار تكتسب بالتعليم والتدريب والتشجيع ولا تنزع عنهن اي دور بيولوجي كالحمل والولادة وما رافقها، الحمل والولادة ادوار بيولوحية، وان تصبح ضابط وشرطية و وزيرة ادوار اجتماعية تكتسب، بحسب الظروف المحيطة بها وبحسب طريقة تنشئتها والصاق أدوار بها دون غيرها، لا فرق بالقدرات العقلية بين الجنسين، بل تتفوق المرأة على الرجل في كثير من المهام، كالابداع والادارة وغيرها.
ان العقل يتغير والحياة تتغير، وما كان مرفوضا في عصر سيقبل في عصر آخر، تلك سنة التغيير في الارض، بل هذا الطبيعي والصحي، وانا الثبات، فهو امر غير صحي، يجب ان نكون عقلانيين ودائمي التحديث والتطوير لعقولنا، لا ان نتقوقع عند مسألة ونعتبرها مسلم بها وغير قابلة للتعديل والتغيير والتفكير، فقط لأننا نشأنا عليها، فقد يتم دحضها مع تطور العقل و العلوم، العلم عملية تراكمية مستمرة غير ثابتة، والقضية لا تتعلق لا بغزو غربي ولا مؤامرة كونية ولا إفساد للمرأة او الرجل، القضية انسانية وحقوقية وتنموية، والدين لم يميز انسان على آخر، المساواة في الحقوق الانسانية لا يعني التماثل الجيني، بل الدفع بالرجل والمرأة أن يؤدوا الأدوار الحياتية جميعها مجتمعين، كشركاء في الإنسانية، لا فضل لأحدهما على الآخر، ان يؤدوا الدور الانجابي والرعائي (تربية الابناء ورعاية المنزل) معا، والدور الانتاجي (العمل خارج البيت) معا، الدور الاقتصادي معا، والدور السياسي معا، والدور الاجتماعي معا، وهذا يؤدي الى إستغلال جهود الجنسين في التنمية وبناء المجتمع بالشكل الأمثل، وستنعكس نتائج تلك التنمية على الجنسين معا، ويتم استغلال الموارد ويستفاد منها بالشكل الأمثل، ان خسارة دولة كالأردن بسبب ضعف المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة حوالي 11 مليار دينار ، ومثلها العديد من الخسارات في كافة المجالات.
إن الأمم الأكثر تقدما، هي الأمم التي ساوت في الحقوق والواجبات بين الجنسين، وعززت السلام بينهم، وأرست مفاهيم حقوق الإنسان والأنسانية، وعززت حقوق المرأة، و وسعت مدارك تفكير شعوبها وأصلحت مفاهيم الذكورة والأنوثة، وتتربع تلك الدول على رأس قائمة مؤشرات التنمية بكل ابعادها، البشرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإدارية .. الخ، والرفاهية الاقتصادية فيها الأعلى، ومعدل دخل الفرد هو الأفضل، والنمو الاقتصادي هو الأعلى، ان قضية المرأة قضية انسانية حقوقية تنموية، ان اردت ان تعرف وضع دولة ما، فاسأل عن وضع المرأة فيها.

نيسان ـ نشر في 2019-04-14 الساعة 17:06


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً