اتصل بنا
 

السياسيون يقودون الإرهاب

رئيس الجالية الأردنية في منطقة جيزان / المملكة العربية السعودية

نيسان ـ نشر في 2019-03-17 الساعة 15:23

نيسان ـ منذ ربع قرن تقريباً فتحت صفحات كتاب الأرهاب على مصراعيه، فلا يكاد ينتهي عام من الزمن الا بانقضاء احد فصوله الأجرامية البشعة ، فتارة تفجير بمسجد وتارة أخرى تفجير بكنيسة او كنيس او معبد ، تبدلوا أبطاله وتغيروا ممثلوه وغيروا مسارحه ولكن بقيت الضحية واحدة والهدف متغير.
مخطئ من يظن ان الهدف هو القضاء على دين او اتباعه ، فمنذ أن عَرفت الأرض تعدد الديانات ، والديانات وتشعباتها بازدياد ولم تتوحد أو تتناقص بزمان ما او يوم ما، فجاهل وواهم من يعتقد بأن من يديرون منظومة الأرهاب وهم يتمتعون بكل هذا الذكاء و الخبث والدهاء بأنهم يعتقدون او يهدفون للقضاء على دين او أتباعه.
فعلى مر العصور عندما كانت الحروب دينية بحتة بقيادة دول كانت النتيجة هي الفشل ولم ينجح الأقوى بالقضاء على عدوه قضاء تاماً ، فما بالكم عندما تكون حرب الأرهاب تقودها جماعات ضالة!
فبات من الواضح للجميع بأن من يقود الجماعات الأرهابية هم سياسيون وبأهداف سياسية بحتة ويستغلونهم للضغط على دول للنيل منها ومن وحدتها وباسم الدين والعقيدة والمذهب.
والجماعات الأرهابية تكونت من فئات المجتمع وبانتقاء محكم وليس عشوائيا، فسياسات بعض الدول أو مناهج تعليمهم او طرق تربيتهم المنزلية أو مراجعهم الدينية وهي الأخطر أفرزت المتعصب الذي لا يؤمن الا برأيه ولا يقبل الآخر و كذلك العنصري الذي لايؤمن الا بنفسه وبأتباعه، فنتج من ذلك حاضنة مميزة لترعرع الفكر الأرهابي.
فعندما يقف رجل الدين المعروف بتدينه والسياسي المعروف بحنكته والمعلم المحترم بمدرسته ويدعو لطائفة ما أو عنصرية مقيتة او لتكفير الأخر ونبذه واستباحة دمه فهو نشر فكر بين مئات المتلقيين والمستقبلين، فمن كانت تربيته او بيئته خصبة نتاج ما ذكرت سابقاً من مؤثرات ، فسيكون حتماً مشروع إرهابي ناجح، وفقط ينتظر من ينتقيه بحرفية لتوجيهه الى الميدان المناسب. وأقرب مثال منفذ العملية الأخيرة بمسجدين بنيوزلندا فهو شخص تربى وعاش كما الملايين من شعبه ولكن لماذا هو دون غيره؟ فقط بسبب البيئة التي احاطت به وأن كان مثقفاً، فكما لاحظنا من كتاباته على صفحته بالفيسبوك او على سلاحه، ولكن من اين جمع ثقافته ومن اي مرجع وما هي اهداف من وجهه او قاده ليصبح ارهابياً ؟
ولتطوى اخر صفحات كتاب الأرهاب، وجب علينا ان نغيير طريق قناعاتنا أولاً و تربية ابنائنا ثانياً و أن نبعدهم عن مسببات التطرف والتزمت و العنصرية ، وأن نربيهم على حب دينهم و وطنهم وعشيرتهم وليس على كره الديانات الأخرى وباقي بقاع الأرض والأصول والمنابت.
وأن نفهمهم بأن عقيدتنا صحيحة بنظرنا ولكن ربما تكون خاطئة بنظر الغير و أن نربيهم على التسامح و قبول الآخر اياً كان معتقده و نرسخ فيهم حرية الأديان ( فلكم دينكم ولي دين ) وحرية المعتقد وحرية الانتماء ، فالكل يحق له ان يعتنق الدين الذي يراه مناسباً او ورثه، والكل له حق الانتماء للبقعة التي يفخر بها من الأرض والفكر الذي يتناسب مع حياته. وأن لا نقبل وننبذ الشتام والسباب والتكفير الذي نراه منتشراً الان بوسائل التواصل الأجتماعي، والسبب اختلاف الرأي و المعتقد والفكرة. وأن نعلمهم بأن الأرهاب لا دين ولا معتقد ولا فكر له. وأن يتحلوا بأداب الحوار والكلام، فيكون بالحسنى وما طاب من الكلام اللين أو الأنسحاب منه دون الأنجرار لسفاسف الألفاظ وبذيئها. وعندها فقط سنحمي أوطاننا ومساجدنا وكنائسنا ومعابدنا وأفكارنا ومعتقداتنا.
ومن المهم ان لا ننجرف وننساق لديانة او مذهب او معتقد منفذ الجريمة او لديانة او مذهب او معتقد الضحية. فكلاهما بحقيقة الأمر ضحايا. فالقاتل لا يمثل الا نفسه ولا يمثل دينه، لأننا لم نسمع عن دين يدعو للقتل والغدر والأبادة. ودائما ما يتبرأ اتباع دينه المعتدلون منه ومن فعلته ، فلا يجب علينا أن نحرض لكره دينه والأنتقام منه وإلا سيستمر النزف ولن تطوى اخر صفحات هذا الكتاب. وكذلك الضحية او الضحايا فهم لم يختاروا ان تكون هذه نهايتهم ولكن كانوا جسراً للعبور للمبتغى والمراد الذي من أجله تمت العملية.
وعلينا ان نعكس حقيقة ديننا السمح المبني على الأخلاق الحميدة الفاضلة والتسامح وقبول الأخر اياً كان كما كان معلمنا وملهمنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وأن نستغل منابرنا والوسائل المتاحة لنا لنشر ذلك. والأهم ان نعكسه على تصرفاتنا ومعاملاتنا.
ولنا ان نذكر تأثير خطابات جلالة الملك عبد الله الثاني بعدة منابر ومناسبات دولية، أن كان بمقر الأمم المتحدة أو عند تسلمه جائزة تمبلتون ولقاءاته المتعددة مع وسائل الأعلام والصحافة العالمية، ومن توضيح وشرح مبسط لتعاليم ديننا السمح و وصف الأرهابيين بخوارج هذا العصر وأنهم فئة ضلت طريق الإسلام الذي تربينا عليه ونعتنقه ، مما أسهم ذلك كثيراً بتغيير بوصلة وفكر الكثير من المؤثرين والاعلاميين والسياسين هناك اتجاه الأسلام والمسلمين.
و أخيراً أدعو الله أن يحمى بلادنا وجميع بلاد العالم من هذه الآفة ومن هذه الفئة الضالة المضلة التي دمرت الفكر والوطن وزرعت الخوف والجبن والعنصرية والتزمت الديني والفكري والعقائدي بين شبابنا، وأن نطوي اخر صفحاته ويكون مصيره براثن التاريخ هو ومن أيده ودعى له وضلل به.

نيسان ـ نشر في 2019-03-17 الساعة 15:23


رأي: المهندس ايهاب العابودي رئيس الجالية الأردنية في منطقة جيزان / المملكة العربية السعودية

الكلمات الأكثر بحثاً