اتصل بنا
 

حكومة الرزاز والطيران الخفيض فوق أعشاش الدبابير

نيسان ـ نشر في 2018-09-25

x
نيسان ـ محمد قبيلات...لم تقدّم حتى هذه اللحظة أية جهة من المعترضين، سواء من الكتاب أو النقابات والأحزاب أو الحراكات، أية ملحوظات وجيهة على مشروع قانون ضريبة الدخل 2018، أو بدائل يمكن مناقشتها لسد العجوزات المزمنة في إيرادات المالية العامة للدولة، بل إن أغلب الملحوظات تندرج ضمن حالة عدم الثقة أو طروحات شعبية فقط تخطب ود الشارع الغاضب من مآلات السياسات الحكومية.
وبين أيدينا إلى هذه اللحظة بيانات من الأحزاب والنقابات وبعض النقاشات والكتابات لبعض الشخصيات في الصحافة، أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وكلها خارج الموضوع، أو تدخل ضمن مستوى التوظيف والاستغلال للأزمة.
بالمقابل فإن الحكومة، كما الحكومات السابقة، لم تقدًم مشروعًا متكاملًا يمكن أن ينتج حلولًا جذرية للتشوهات والتخلخلات الكبرى التي باتت على وشك أن تعصف بالبنية الاقتصادية برمّتها، بل إن معالجاتها اقتصرت على بند النقص في الإيرادات، بطريقتها في التعامل مع المشاكل وفق نظام الحل بالقطعة وتفصيل القوانين حسب الحاجات السنوية، مثل مشروع القانون الضريبي الحالي الذي يأتي في سياق حل المشاكل التي يمكن أن تواجه موازنة 2019 ، من دون أن تراعي أثر ذلك في حالة استقرار القوانين ومردوداتها على خلق البيئة الاستثمارية.
ومن الأمثلة على ذلك تخبط الحكومة في فرض ضريبة 6% على النشاطات الاقتصادية في المناطق الحرة، ما يعني انتفاء صفتها كمناطق حرة يمكن أن تُنافس في الأسواق الإقليمية، وأيضا التنظير بعدم عدالة ضريبة المبيعات وتصريحات الرئيس بالبدء فورًا بتخفيضها على بعض الأصناف قبل أن يؤجل وزير المالية هذا القرار بعد يومين من تصريحات الرزاز للتلفزيون الأردني.
يجري ذلك كله من دون مراعاة البيئة الاستثمارية وأهمية استقرار القوانين والتشريعات لجهة نموها وتطورها، وفي ضوء التشدد مع فئات المكلفين الممسوكة في سجلات الضريبة من موظفين ومنشآت اقتصادية بينما تظل شرائح واسعة خارج السيطرة الضريبية، ومنها أصحاب البقالات والمحال التي تقدم الخدمات المختلفة والأطباء والمكاتب الهندسية والمغتربين وغيرهم، وأزْيَد من ذلك أن القانون الجديد يقدم لهذه القطاعات مكافأة على تهربها في السنوات الماضية بإعفائها من أية غرامات.
الدكتور عمر الرزاز قدم يوم الجمعة من خلال شاشة التلفزيون الأردني مقاربات مهمة وجديرة بالاهتمام، ودارت حول الإصلاحات السياسية، فقد وعد بأن تكون الانتخابات البرلمانية المقبلة حرة ونزيهة وفق قانون انتخابي جديد، لم يمانع أن يكون مشابها لقانون الانتخاب الذي جرت وفقه انتخابات 1989، كما وعد بقانون أحزاب عصري وأن تكون الحكومة برلمانية.
لكن، صحيح أن الاصلاحات السياسية بالضرورة تفضي إلى اصلاحات اقتصادية، لأنها تعيد صياغة وتشكيل الإدارة بما يضمن دخول شرائح جديدة إلى الحكم، ما يعني ضمنا إدارة وسائل الانتاج من قبل فئات أخرى وبالتالي إعادة توزيع الثروة وفق معادلات جديدة أكثر عدالة، لكن هناك تخوفات من أن تجري عملية إعادة صياغة التحالفات مع تيارات سياسية بعينها، "الإسلاميين"، من أجل عبور هذه المرحلة من دون إجراء إصلاحات حقيقية، بل شكلية تشبه أداء بعض النواب الحاليين من هذه التيارات والمشغولين فقط بترسيخ "مكارم الأخلاق".
بقي القول إن كل ذلك يعني أن حكومة الرزاز تمارس الطيران الخفيض فوق أعشاش الدبابير من دون اشتباكات فعلية.

نيسان ـ نشر في 2018-09-25

الكلمات الأكثر بحثاً