اتصل بنا
 

#رقعة_لاجئ

نيسان ـ بقلم #مروه_طافش ـ نشر في 2015-06-27 الساعة 06:25

x
نيسان ـ

بقلم #مروه_طافش

ولِدتُ وعلى جبيني رقعةُ لاجئ، كبرتُ على أحاديثِ جدي الوطنية ، كنتُ أستمتُع لما يرويهِ لي عن بساتينِ الحرية، حيثُ مواسم جَني الثمار والمواويل التي كانوا يترنمونَ بها أثناء الحصاد وكيف كان الأخوة ..

كم أرنو لكلماتهِ العفوية بكل شوقٍ ولهفة وما إن يُنهي حديثه وإذا بدمعي يسيلُ وأشهقُ شهقتي الأخيرة حينما كنتُ أعلم أن كل ما يرويه أصبح جزءًا من تراتيل الذكريات، وأن خيمتي المهترئةُ الصغيرة هي موطني بعد وطني وإني بها ولدتُ حياً بعد تشردٍ دام طويلاً ..

فلمْ أحظ باستنشاق تربةَ بلدي ولمْ أُقَبل حناياها الطّاهرة,لكن طِيب رائِحتها كالمسكِ في أنفي .. حينها كنتُ أرقبُ تجاعيدَ وجنَتَيهِ كنتُ أرى بها بقايا حزنٍ وبين ثناياها بريقُ أملٍ من عودة تكادُ تظهر لولا أن عبوسَ وجههِ أخفاها .. شدتني ملامحُ جدي الحزينة حينما أمسكَ بيدي ووضعَ بها مفتاحاً

وقال لي: هذا مِفتاحُ بيتي إن عدتَ يا ولدي ولم أكنْ فتولاهُ عني. .

أطبقتُ يداي عليه بشدة خوفاً عليهِ من السقوطِ أوالضياع .

أغمضتُ عيني فذرفتْ عَبرَتي كمياهٍ من جوف الصخور، مسحتُها بمنديلٍ من تفاؤل وبدأتُ أَدسُ بحزني لبعيد وأبتسم ..

قبّلتُ رأسَ جدي ووعدتُهُ بالعودة وهمستُ له : سأعودُ يا جدي .. سألملمُ أشلاءَ وطني وأرمِمُها وأعود سأهدِمُ خيمتي وأعود سأفتحُ بيتي بمفتاحِ الأملِ والعودةِ وأعود سأزرعُ شجراً من زيتون وبستاناً من حرية وأعود سأرتلُ نشيدَ موطني وأعود سأرفعُ بسبابتي والوسطى علامةَ النصرِ بأعينِ العدوِ وأعود قلتُ سأعود ولم أعدْ ..توفى جدي ولم أعد ..ْ ..

هَرمتُ وصرتُ في عمري السابعَ والستون ولم أعدْ ..لكّنه وطني سيعودُ وأعود وسأمحو رقعةَ اللجوءِ من جبهتي حينما أغمسُ رأسي بتربتَكِ الطيبة ...

نيسان ـ بقلم #مروه_طافش ـ نشر في 2015-06-27 الساعة 06:25

الكلمات الأكثر بحثاً