اتصل بنا
 

الرمثا..القصة مش رمانة.. القصة قلوب مليانة

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2019-08-24 الساعة 23:34

الرمثا.. القصة مش رمانة.. القصة قلوب
نيسان ـ إبراهيم قبيلات...أبرق مدير عام الجمارك الأردنية، اللواء الدكتور عبدالمجيد الرحامنة، للمراكز الحدودية، بأن لا تسمحوا بإدخال أكثر من "كروز" دخان واحد لكل مسافر؛ فثارت الرمثا ولم تهدأ حتى اللحظة.
يأتي تعميم مدير عام الجارك منسجماً وقرار مجلس الوزراء قبل أيام قليلة، والذي سمح بإدخال "عبوة سجائر" واحدة فقط مع كل مسافر، وهو ما فهم في الرمثا، وخاصة من الرماثنة المنخرطين في تجارة البحارة أن تهديداُ رسمياً يحوم حول أرزاقهم؛ فردّوا على الحكومة بطريقتهم الخاصة.
القصة ليست قصة "كروز" دخان وإن بدت هكذا، القصة ليست "قصة رمانة بل قصة قلوب مليانة"، قصة أردنيين ملوا من سياسات رسمية مكرورة، ومنزوعة الدسم من أية حلول حقيقية تجاه الأزمات والاختلالات العميقة، فأنتجت مع الأيام احتقاناً شعبياً في مقابل انسدادات سياسية، وسط أفق ملبّد بمشاكل وهموم وقضايا عالقة لا أمل في حلها.
في الحقيقة، الحكومة مدهشة في اختلاق الأزمات، ومدهشة أكثر في توسيع دائرة الفوضى بين الناس، فالرمثا ظلت طوال عمرها منشغلة في نفسها، وفي بحارتها، المرابطين على معبر جابر الحدودي بين عمان ودمشق، والحكومة تعلم كل ذلك وتصمت.
في الرمثا، وظف الغاضبون من أهلنا في الشمال أدوات "السوشال ميديا"؛ لنقل ما يجري من حرق للإطارات في الشوارع المكتظة بالشغب والكر والفر، ليكسبوا معركتهم مع حكومة عاجزة عن تقديم أية حلول، هي تنفخ تحت جمر الناس وتكتفي بالفرجة على مقاطع من الفيديو المنتشرة عبر صفحات الناشطين على الفيس بك، يقول بها الرماثنة كلاما وعرا يصل حد كسر العظم.
وهل كانت تظن الحكومة أن أبناء الرمثا سيذعنون لقراراتها وهم يرون بأم أعينهم حجم الفساد والترهل والتنفيعات في بلد تعتمد موازنتها على الضرائب المنهوبة من جيوب الفقراء، فيما يواصل كبار الفاسدين وأزلامهم بلع كل ما يمكن بلعه من مقدرات وتسهيلات و "وتزبيطات" يرعاها الرسمي بكل جسارة واقتدار؟.
يدرك الجميع ان الرمثا تعيش وتتنفس على التجارة البينية بين الأردن وسوريا، مثلها مثل كل البلدان الحدودية في العالم، ولا يمكن استبدال أدوات وطرق عيشهم بين ليلة وضحاها، وندرك ايضاً أن معركة الحكومة مع الشباب الملثمين في الشوارع والحارات والأزقة خاسرة وإن طالت، فلا رابح في هذه الأزمة.
الرمثا وإن غضبت وكشّرت عن أنيابها تبقى رئتنا الشمالية، وعلينا أن نقف معها ونمسح دمعها قبل أن تتطور ساحتها، وتجلب سريعاً كل ما يلزم من أسباب وجيهة لثورة لا تنام ولا تهدأ.بقي أن نقول إن تفهمنا لمطالب واحتجاجات الرماثنة لا يشرعن بأية حال من الاحوال استخدام الأسلحة النارية و الاعتداء على رجال الامن وتخريب الممتلكات العامة، فتلك أدوات "مدميّة"، وتقربنا من مرحلة صعبة لا نرغب الوصول إليها.

نيسان ـ نشر في 2019-08-24 الساعة 23:34


رأي: ابراهيم قبيلات

للتواصل مع الكاتب:

الكلمات الأكثر بحثاً