اتصل بنا
 

لا تلحقوا الرمثا بدرعا

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2019-08-24 الساعة 22:10

لا تلحقوا الرمثا بدرعا ـ بقلم:
نيسان ـ باعتبار أن الكومفورت زون هي المساحة التي يكون فيها الإنسان مطمئنا ومرتاحا و يشعر بالأمان، بعيداً عن أي قلق وتوتر... وهو ما يعني أيضا أن تتوقع حول نفسك، وترفض الخوض بأي تجربة خوفاً على نفسك وحرصاً من جميع الشخوص وتبقى ضمنياً الكومفورت زون هي (وهم السيطرة)، كما تعني أيضا أن لا تعمل سوى الشيء الذي تعرفه، ولا تعرف غير الشسء الذي تألفه....
ببساطة من قام بتعريف الكومفورت زون إنسان، يعرف تماما كيف يرتب كلماته بهدوء، بوضوح أكثر يعرف كيف "يصفّط حكى بطريقة مقنعة"..
هذا فعلياً ما نعيشه نحن كأردنيين منذ الأزل، نعيش بقوقعة هلامية كلامية مقيتة، ولكنها بلا جدوى وبلا خطط علمية عملية صحيحة، هي فقط هالات كلامية تخرج من ربطة عنق تعانق التسحيج المفرط، وبدلة من ماركة فاخرة وساعة سويسرية وحذاء تركي، وهوية أحوال تحمل الرقم الوطني، تخوله النطق بأنه من هذا الشعب البسيط المليء بالإمكانيات والطاقات الشبابية المهمشة...
في عام ٢٠١٢ كانت ذيبان تأن بشدة، كانت تجابه الفقر والعوز والتهميش والخذلان، كانت تصارع للبقاء في دائرة هذا الوطن؛ علها تحصل على أوكسجينها بلا هبات او أعطيات، وحتى بعيداً عن مفهوم الإستجداء، هناك على دوار بلدة ذيبان والذي يبعد ٥٧كم عن قلب العاصمة عمان، شيدت خيمة اعتصام تلتها مظاهرات واحتجاجات في كل أقطار وطننا الجريح، واليوم نرى الرمثا تنزف أيضا ومن قبلها كانت الكثير من المحافظات.
لماذا تدفعون الرمثا لتنام بأحضان درعا فندفع كلنا ثمن حماقتكم؟ لماذا تصرون على شيطنة الرماثنة وتنسون أباطرة الفساد وعرابيه من الليبراليين وأتباعهم ممن نهبوا البلاد والعباد؟ لماذا تهددون سلمنا بحجة ترميم اقتصادكم المذبوح على أبواب الحانات والمراقص الليلية؟ الرمثا منطقة حدودية وعاشت طوال عمرها على البحارة ولن تتوب لمجرد رغبتكم.
منذ عام ٢٠١٢ ويوم الجمعة هو يوم الإعتصامات في الأردن، عند المسجد الحسيني يمسك ابو خالد يافطة تنام في حضنها ثلاث كلمات ( خبز حرية عدالة اجتماعية) يهتف قليلاً، يسير مع السائرين، يلتقط بعض الصور، ثم يرن هاتفه...
ام خالد: وينك؟!
ابو خالد: هسا طلعت من صلاة الجمعة، صليت الجمعة بالمسجد الحسيني بوسط البلد.
ام خالد: طيب جيب لبن رايب واستعجل المقلوب جاهزة
ابو خالد: هيني جاي
يسلم ابو خالد عهدته لشخص ما على يمينه ويمضي باحثاً عن قاع طنجرة المقلوبة كحالنا جميعاً.
هناك في الرابية قرب مسجد الكالوتي يهتف عمر بلهفة وحرقة، يتجاوز سقف المتعارف عليه كأي راديكالي كادح يمضي صباحاً للبحث عن رغيف خبز في فوهة دبابة.
ولكن تختلف الأحداث على الدوار الرابع حيث تتعالى رائحة العطور الفرنسية و لا بأس برائحة معسل تفاحتين على جانب الدوار مع قليل من الصديقات و بعض الحسناوات...
في كل مرة وعلى مدار هذه الأعوام كنا نرضى (بإبرة بنج ١٠ملل) حيث يتم تغيير الحكومة او تعديلها، فيما تواصل أزمتنا الاقتصادية والسياسية بالتورم.
ببساطة و بعيداً عن قدسية المعركة و أهميتها و حتى تقدير أشخاصها، ولكن للوهلة الأولى حين تفكر بما يدور تستذكر تلقائياً خطة خالد بن الوليد في معركة مؤتة حيث جعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة والمقدمة مؤخرة وهكذا...
نقف اليوم، كدافعي ضرائب نراقب المشهد وننتظر ننتظر كعادتنا المتجذرة ( من يقرع الجرس) الجرس الذي يقرع عند كل باكيت دخان نقوم بشرائه او حتى عند كل محطة وقود نملأ منها سياراتنا او حتى في أي سوبر ماركت نشتري منها بطاقة لشحن هواتفنا...
هو ذات الجرس الذي يقرع حين تذهب من قريتك الوادعة المرابطة المحافظة لتصل شارع باريس بالقرب من الدوار السابع في الساعة الثالثة فجراً لتشاهد انك خارج كل مألوف او حتى خارج الزمن، حيث تكون الأحضان علناً وتكون أجزاء من أجساد بعضهن تتمايل خارج النص، ولربما تشاهد مشهداً كمشاهد أفلام سعاد حسني في إحدى السيارات النائمة على قارعة الطريق..
في عام ٢٠١٩ لازلنا نئن بصمت، نرى سيدة تحمل رضيعها وتفتش عن قوت يومها في سلة مهملات، ومشاهد فتاة تعرض جسدها لقاء بطاقة موبايل، ونرى ونرى....
لازلنا نرى قصة حب خالد الفقير وروند التي يشغل خالها منصب وزير تبوء بالفشل، لازلنا نرى أننا في ظل كل هذا التطور ورغم تزاحم التكنولوجيا لازلنا نعاني بين أزمة أخلاق في الشارع وأزمة سيارات سببها الباص السريع، ووعود تهب وتذهب مع الريح، لازلنا نصمت في كل مرة استطعنا بها ان نقول كلمة، لازلنا نسمع الوعود الزائفة من كل المتلاحقين على الكراسي، لازلنا ننتخب وفقاً لأهواء القبلية والعشائرية و التبعية البائدة، لازلنا نقاتل على مدار ٣٠ يوما لندفع إيجار بيت وفاتورة ماء وفاتورة كهرباء وباكيت دخان ونسدد شيئا من ديون ابي محمد صاحب السوبر ماركت، لازلنا نكتب على الفيس بوك وما أحسننا، ولكننا ببساطة على اليوتيرن ما أنجسنا.
لازلنا متفقين على حب هذا الوطن رغماً عن كل ما يقتل فينا الفرح، لازلنا متفقين على حب هذا الوطن رغم قسوة الأحوال.
لازلنا مؤمنين بقدرتنا على الخروج من عنق الزجاجة المزعومة، رغم تخبط تصريحات الوزراء بين لا فرض للضرائب وبين فرض ضرائب جديدة، بين سنخرج من عنق الزجاجة، وبين ارتفاع المديونية،وكأن الوزراء لا يلتقون بعضهم أبداً لهذا نرى كل منهم يغني على ليلاه.
هنيئاً لنا بزجاجتنا.....

نيسان ـ نشر في 2019-08-24 الساعة 22:10


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً