اتصل بنا
 

المهمة المتخيلة

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2019-07-17 الساعة 16:23

المهمة المتخيلة ـ بقلم: منصور المعلا
نيسان ـ تنشغل الحكومة هذه الايام بالحديث عن الشباب ودورهم، في محاولة لتأطير هذه الفئة الاجتماعية وفق استراتيجية اعلن عنها مؤخرا، وفق منظور "الفرصة والطاقة المنتجة"، من خلال اقامة "معهد لإعداد القيادات الشبابية" وتأسيس مركز "للدراسات والتمكين السياسي للشباب".
لعل الفريق الحكومي المنسجم داخل مجلس الوزراء المتشكل على قاعدة التيار المدني المتحالف ضمنا مع قوى الاسلام السياسي، يسعى من خلال هذا المشروع الى تنفيذ "مهمة" دونها استقالة الوزير حسب تصريحاته التي ادلى بها مؤخرا.
في محاولة لفحص فكرة المهمة الشبابية التي يعكف عليها الفريق الحكومي نقف على حقيقة مفادها، ان القوى اليسارية والقومية والبيروقراطية لا تمتلك اي حضور فاعل على مستوى الشباب، بينما يمكن تلمس حضور ما يسمى "الشباب الاسلامي المتربل"، وهو ما عبر عنه زميل الوزير في مناخات "خبراء الجماعات الاسلامية، الذي نشر في صحيفة البيروقراطية (الرأي) مقال قبل ايام لـ حسن ابو هنية تحت عنوان "الشباب العربي جدل الدين والريبة والامل" جاء فيه "ان الدين لا يتعدى دور "رأس المال للتعويض"، معتبرا ان الشباب المتدين متفائل بالمستقبل، في حين ان درجة التشاؤم اكبر في اوساط الاشخاص ذوي التدين المتدني، وان غالبية المتدينين ايدوا نظاما سياسيا ديمقراطيا، بدلا من حكم مبني على الشريعة".
استنادا الى هذا التحالف الليبرالي الاسلامي الذي يتشكل داخل السلطة وخارجها، الذي تم اسناده بوثيقة اخوانية جاءت في خدمة هذه التوجهات وفي سياقها .
عمليا ينجز ذلك التيار مهمات اخرى لا تقل اهمية عن التحرك تجاه الشباب، من خلال اولا الاجهاز على الادارة العامة من خلال الذهاب الى ما يسمى "ترشيق القطاع العام" وفق منطق "بيش ما قالو شالو"، من خلال القيام بعملية تطهير واجتثاث للادارة العليا والوسيطة متسلحين بأرقام البنك الدولي التي تتحدث عن ان نسبة رواتب العاملين في القطاع العام تبلغ 80 بالمائة من الموازنة العامة، وهو عملية في جوهرها تستهدف البيروقراطية الاردنية وتسهم في افقادها اكثر عناصرها خبر ودرارية، بدلا من العمل على صياغة نظام يسهم في دفع العناصر الوطنية والمؤهلة الى مراكز القرار في مواجهة اليات الواسطة والمحسوبية والاسترضاء، وهو ما فشلت الحكومة في نجازه من خلال انفاذ نظام الخدمة المدنية الذي اعتمد اليات التقييم الموضوعي استنادا الى الاداء والانجاز.
وفي ذات السياق، تتجه الحكومة الى نقل مهام القطاع العام للشركات الخاصة في القطاعات الحيوية التي يهمين عليها منطق المقاولين والسماسرة.
الى جوار مهمة استهداف الشباب وتفكيك مؤسسات الدولة وافراغ القطاع العام، تتجه الحكومة الى التحرش بأهم اركان الدولة الاردنية وهي العشائر التي تحولت في ليل الى جماعات مسلحة تمتلك 10 ملايين قطعة سلاح، يجب جمعها كونها تودي بحياة العشرات سنويا في حين ان رداءة البنية التحتية في قطاع النقل تودي بحياة المئات سنويا ناهيك من انتشار المخدرات وغيرها من القضايا الاكثر الحاحا.
لقد انهكت اطراف المعادلة الاردنية بيروقراط ونيوليبراليين، واخوان، وفي لحظة الانهاك هذه يعتقد التحالف الليبرالي الاسلامي، ان بإمكانه الانفراد بالدولة ومستقبلها، من خلال قطع الطريق على تصاعد الوطنية الاردنية الذي تمكن من تجاوز حقبة "التوظيف" من خلال انجاز تحالف بين بقايا الاطراف المنهكة، وهي حتمت مهمة مستحيلة ولا افق لها.

نيسان ـ نشر في 2019-07-17 الساعة 16:23


رأي: منصور المعلا كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً