اتصل بنا
 

صحافة الكيكي.. الرقص على قارعة التوجيهات

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2018-08-28 الساعة 11:25

x
نيسان ـ كتب محمد القبيلات... كان العيد حدًا فاصلًا في درجات مقياس تأييد الإعلام الرسمي وشبه الرسمي لحكومة الرزاز، فالصحافة بعد العيد ليست هي ذاتها التي كانت تشيع كل تحرك للرئيس، قبل العيد، بالتأييد والمديح، إنه انقلاب بيّن، فقد أصبح الرزاز من بعد هذا الحد، وعلى حين فجأة، من غير حلفاء إعلاميين، فما الذي جرى!؟ ومن أعطى الإيعاز لربوتات الصحافة الرسمية لتتوقف عن دعم الرزاز والبدء بالضرب تحت حزام الحكومة ومن أمامها ومن خلفها؟.
وللتوضيح أكثر؛ لا بد من شرح مبسط لرقصة الكيكي، ثمة رجل يقود السيارة فينزل أو ينزل الراكب الذي يكون إلى جانب السائق في أثناء مسير السيارة ويُبقي الباب مفتوحًا، ليباشر رقصه المتحرك بالتزامن مع سرعة السيارة على ألحان الكيكي.
يواصل الراقص حركاته المترنحة شريطة ضبطها على سرعة السيارة، مرة يغذ الخطى ويبطؤها تارة، ويتم ذلك كله رهن التوثيق بالتصوير الحي المباشر وعلى ذمة عملية ابتذال مفرط.
في سوق الصحافة، أيضا تُجرى الأمور، بشكل أو بآخر، على هذا النحو، فلكل صحافي، إلّا من رحم ربي، ثمة ضابط للإيقاع، ينزله إلى قارعة الطريق، ليبقى تحت وطأة إيعاز البدء بالتغنّج على ألحان الكيكي، فتارة يزيد السرعة وتارة يبطؤها، يرفع صوت الموسيقى ويخفضه، وذلك كله يزيد من وتيرة الرقص أو يقللها، غير أن السائق، في بعض الأحايين يدوس على الفرامل إلى درجة التوقف التام، مانحًا الراقص فرصة تأدية بعض الحركات المدروسة مسبقًا، والتي قد تنطوي على الكثير من المياصة.
إنها لعبة السير، أو الرقص، على حواف السقوط والتعثر، فمنذ البدء ونحن نمارس لعبة الرقص على الحافة وما زلنا، وعندما جاء الرزاز، جاء في لحظة فارقة، لحظة معيارية، ربما كانت تستدعي الذهاب للحلول الجذرية، لكن لا أحد جاهز، والكل قَبِل الحل الوسط، ريثما تمر العاصفة، فكانت حكومة الرزاز المنزوعة دسم الولاية كحالة توافقية تشبه الهدنة.
ما جرى على الدوار الرابع كان بمثابة الإنذار، فهل نحن من المتعظين؟
ثم قد يسأل مشاكس؛ لِمَ هي منزوعة الدسم؟ لأن ليس فيها من الرزازية إلّا الاسم، وقد شُكِّلت الحكومة لغرض محدد واحد؛ إعادة تمرير قانون ضريبة الدخل. فقامت على تحالف البنك الأهلي، كـ "طغمة" مالية، وعلى صحيفة الغد، وقناة المملكة الجديدة، كـ "طغمة" إعلامية، وضمن صيغة البنك الدُّولي كضمانة مالية دُولية، لكن العقد اليوم انفرط، "فالغد" قدمت وزيري الخارجية والإعلام، لكنهما وُوجها بالكثير من النقد والتشكيك، لكن الأمور وصلت إلى الانكشاف يوم المؤتمر الصحافي عقب عملية السلط الأمنية، إلى أن جاءت الطامة الكبرى بالتعيينات في إدارة الصحيفة التي لم تأت على هوى الإدارة السابقة، وهنا تم الانقلاب الإعلامي على حكومة الرزاز.
لكن الجانب الأهم ظهر بالتراشقات العلنية التي بدت واضحة على محور العلاقة بين وزارة الخارجية ومؤسسات الدولة العميقة، وأكثر ما يتجلى ذلك في تباين الموقف من الأزمة السورية، ويعتقد كثيرون أن لا علاقة بأصول وعلاقات وزير الخارجية الدرزية بالموضوع.
أما البنك الدُّولي فقد بدأ الصدام معه في إثر تعديلات مشروع قانون الضريبة، فالبنك يريد أن تكون الإيرادات أعلى ما يمكن، لضمان الوفاء بأقساط الدَّين، بينما الحكومة تحاول أن تخفف من العبء الضريبي الذي أتى به المشروع السابق.
ثالثة الأثافي كانت من جماعة البنوك، حيث كشّر الفريق الاقتصادي عن أنيابه وأصر على أن يعفي البنوك من الزيادة في الضريبة التي كان يفرضها المشروع السابق، وظل الدكتور رجائي المعشر يروّج لاعفاء البنوك بحجج واهية، فهو يقول إن البنوك ستعكس هذه الضرائب على المقترضين، وهذا كلام غير دقيق بالطبع، لأن الضريبة المفروضة كانت على أرباح البنوك لا على شكل زيادة في الفائدة أو رسوم يفرضها البنك المركزي الذي يستطيع أيضا أن يردع البنوك من أن تزيد أسعار الفائدة على المقترضين.
الخلاصة؛ إنه وبعد سقوط حكومة الملقي، ارتفعت وتيرة الانتقادات حتى طالت المرجعيات العليا، اليوم لا بد من إيجاد مصدات توقف هذه الانتقادات عند حد معين، فيتم اليوم حرف اتجاهها إلى الحكومة ومجلس النواب، ومن هنا بدأنا نسمع ونرى ايقاعات وتلويات جديدة تزيد من انتفاضة أجساد عناصر رقصة الكيكي، فانقلب الشباب إلى نقد الحكومة من بعد مدحها.
أيها السادة.. إنهم يرقصون على ألحان الكيكي وبما يتناسق مع السرعة المحددة من قبل (القوّاد*) المتحكم بمقوَد السيارة، فلا عجب.
• لا تقرأوها بسوء نيةٍ، فاللفظة هنا صيغة مبالغة مفترضة تدلل على حرفية قائد السيارة (الشوفير).

نيسان ـ نشر في 2018-08-28 الساعة 11:25

الكلمات الأكثر بحثاً