اتصل بنا
 

عن الرزاز وسياسة سكّن تسلم

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2018-07-09 الساعة 10:18

x
نيسان ـ

محمد قبيلات...يذهب الرأي العام الأردني، حسب الاستطلاعات التي ظهرت نتائجها في الايام الماضية، إلى منح الرزاز الفرصة والوقت لتنفيذ السياسات التي من شأنها حل المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد، مع إظهار التحفظ على الفريق الوزاري والطريقة التي تم بها تشكيل الحكومة.
الدكتور عمر الرزاز لا يميل إلى خلق الأجواء الإشكالية، وقد لاحظنا كيف استطاع أن ينزع فتيل الأزمة من ملف التعليم وقد تمكن من إطفاء النقاشات الحادة حول تعديل المناهج، الذي بلغ أشده قبل استلامه ملف التربية، وحتى هذه اللحظة، فإن ما بدا من إدارة الحكومة للملفات في الأسابيع القليلة الماضية، يظهر ميلا للابتعاد عن خلق حالات استقطاب توفر البيئة لتكوّن الرأي العام المضاد لمقترحات وبرنامج الحكومة.
في هذا الإطار، ومنذ اللحظة الأولى التي ردت الحكومة بها على كتاب التكليف الملكي، لم تظهر أية عبارات تشير إلى موضوع إعادة صياغة العقد الاجتماعي، الذي ذُكِر في خطاب التكليف السامي كتوجيه وتكليف ملكي وأحد أسس عمل الحكومة بأن تعيد صياغة العقد الاجتماعي.
لكن الحكومة أسقطت هذا البند من ردها، وما يخدمها في هذا السياق، أن سوق السياسة في عمّان تجتاحه اليوم حالة من حالات الخلط المفاهيمي، عمادها الزائد أخ الناقص، وتشمل الكثير من المصطلحات التي تستخدمها الخطابات السياسية المختلفة، على عواهنها، لأغراض تنحصر في تأثيث نصوصها بشيء من الحداثة الشكلية.
فلا أحد يعرف مثلا عن أي عقد اجتماعي تتحدث أدبيات الدولة الأردنية اليوم، ومن هي أطرافه، فتسود حالة من التراشق بين طرشان السياسة، سواء في السلطة أو المعارضة، لأن هناك ما زال من يظن أن العقد الاجتماعي هو بين المواطن والدولة لا بين الحاكم والمحكوم.
حتى أن الرئيس استخدم عبارات من نوع؛ إعادة تشكيل العقد الاجتماعي بما ينسجم مع الدستور! وهذا دليل نستشفه من زلة لسان الرئيس، على أن لا نية حقيقية لدى الحكومة بإعادة تكييف أو صياغة العقد الاجتماعي الأردني بحيث يكون أكثر عدالة، فتلك الإعادة، في الحقيقة، لا تحدث بما ينسجم مع الدستور لأنها قد تنسف الدستور، أو تعدّل بعض بنوده على الأقل، لأن المفروض في الدستور وحتى صيغة الحكم وشكل الدولة أن تكون جميعها نتاجات العقد الاجتماعي، وليس العكس من ذلك بالصحيح.
في موطن آخر قال الرئيس أيضا، ما معناه، أن الأوراق النقاشية ستكون مرجعا لبرنامج الحكومة! فكيف يحدث كل هذا؟ والأوراق الملكية لم ترتقِ بعد إلى أن تكون مرجعية، وحتى أن الملك لم يطلب ذلك، بل إنه طالب القطاعات كافة أن تقوم بمناقشتها، وهذا ما يؤكد أنها ما زالت نقاشية ولا تصلح لأن تكون مرجعا لبرنامج الحكومة.
فواضح من هذه الشواهد، أن من أزمات الحكومة المستعصية، والبلد عامة، الحاجة إلى إعادة تأصيل المفاهيم والمصطلحات.
لكن الحكومة ممثلة بشخص رئيسها تحاول أن تتبع القاعدة اللغوية ' سكّن تسلم' فهي ما زالت حتى الآن وسط، أو على أبواب، معارك قد تكون حامية الوطيس، ربما لا ينفع التسكين في كل مواقعها، فليست مشكلة الحكومة الأساسية اليوم الحصول على ثقة النواب، ولا القانون الضريبي، ربما واجهتها مشاكل أخرى، وربما كان الأسلم لها، والأحصن، أن تعتمد خطاب التكليف كبيان تنال على أساسه الثقة من مجلس النواب.

نيسان ـ نشر في 2018-07-09 الساعة 10:18

الكلمات الأكثر بحثاً